الاثنين، 20 سبتمبر 2010






(     لحظــــــة  حــــــياة    )







قصة قصيرة











MARCEL ARSLAN








القمر تدثر بغطـــاء الليل الأنيق.... والليل كفر فاهه بالاسنة البيضاء ... والامس سدد أعوجاجه المسكوب ... في حضرة الليل البهيم الاسود ....الشمس تجلس القرفصاء على قارعة الطريق ... والقمر ينتظر بخجل ليدلف الى سكون المساء ... وصمت الاقدام الفارغة ....  في محيط الاحذية المشجوجة يتحرك صوب السديم ...


همس المدينة يستيقظ من جديد ...    عيون الغبار تعلو برفقة الشفق .... والعين تقتني جنائن بصرها ....   وفنجان القهوة السوداء يتدثر بحبيبات البن البيضاء... وعيون زاملة تشخص كقنديل فوق قرص القمر....و أناملها الجافة تحيط بالفنجان الانيق ..
 

  وتحيط بذراعه بأنامل مكسورة .... وابهام جاف ... وتواصل الضغــــــط ...   يكاد ان يتحطــــــــم  ... كعيون سفينة مريــــــــم ....  يحدثها  ....( زامــــــــلة   )    توقفي ..... ستكسرين ذراعـــــــــــه  ...





لا تلتفت  اليه .... ترمقه بعين بيضاء ..... وتواصــــــــل  الضغــــــط ....  بلا انحناء ....  .......  تسقط عينها اليمنى دالفة الى الفنجان الفضي الرشيق... تلتقط ما ســــــــقط من أنفاسها  على السطح الاسود المضطرب ...  ترمقه بذات النظـــــرة ...  




يرمقها بغضــــــــب  ... زاملة توقفي ....  ترمقه  برفـــق .....   ثم تعود  .... لتضغط على ذراعه مجددا ...    ولا تتوقف .....  فيصمت ويبحث في عينيها عن سطــور حياة .... يحدق في المساحة الممتدة بين حاجبيها ... كأنها ميناء غـــزة المقهــــــــــور ....  يتابع في حضـــــــور فراغ العين المجســـور ... ويبحث عن فضاء جديد  في عينيها .....




وتسقط من يديه كلماته ..... يحاول ان يركـــــع قليلا ... ليلتقط واحدة ....  يجمع حروفه الهاربــــــــة من عينيها ...... يعيد جمـــــــــع الكلمة .... يبحث لها عن شقيقة ....  في ليالٍ مشقوقة .......




نظرت اليه برفــــــــق ..... شخصت ببصرها نحو عينيه .... وجمعت افق بصرها الى مائدة محياه .... وسديم عينيها يحدق في وجنتيه ..... دنت منه ....تحركت ببطيء .... 
أمسكت بكفه الايمن ...وقد استولى عليه الفراغ.... بحثت عن كفه الايسر ... فلم تردفه ... حركت البصر خلف جيده الممشوق .....   .... كان مقفلا بأحكام ....  كقصر ملكي .... امسكت بالابهام ... ضغطت عليه بقوة حتى أعادته ممتدا ...... امسكت بالانامل الاخرى  .... كروح سليلة امتدت لتعيدها اناملا ممدوة ... بسنين معدودة ..




أسقطت البــــــــصر من كلتا عينيها .... اوقعتهن أرضـــا ....  أسقطتهن بين الانامل الملقاة على كف موجوع ....  لم تجد شيئا .....    الكف فارغة .... والانامل المشجوجة ... لم تخف شيئا ... والكف لم يحمل الا فراغا  ,,,


سكبت جدولا نهريا سائغا بين انامله المشجوجة ..... واستقرت على راحة يده ..... وهبطت ساقطة بين ابهام مكسور .... وسبابة معطوبـــــــــة ......




نظرت الى سطح الفنجان  .. ذراعه قد تحطمت تماما...أرداف جزيئاته  تسللت الى ابهامها النازف ....... شاهدت مع جرح ابهامها المشجوج .. دموعه المضطربة... ألقت  بصرها بين راحتيه وهي تجمـــــــــع جزيئات ذراع الفنجان  المبتور .......ببصر منظور ...



أحتملت فنجانها .. واحتملت معه ذراعه المكسور .... ومضت صوب الحجرة المظلمة..... أسقطت أشعة عينيها في كل مكان ... امتدت بها خلف الزوايا ...القت على الرفوف عيون أطيافها ,,,  وقد ارتدت غبار ايام مضت ..   القت بها فوق عيون الصمت .....  ركلت خطاها نحو منضدة الحاسوب الخاص به .... وضعته برفق  ....   أصطف  بجوار فناجين أخـــــرى .... كلها بلا ذراع ....   الثالث عشر بعد المئتين ...
نظرت الى الاجندة ... بعيون مقيدة  ... مائتان وثلالثة عشر يوما ....   نظرت الى المنضدة مائتان وثلاثة عشر فنجانا ....ثم جمعت عينيها ... ومضت ... أغلقت خلفها كل شـــــــــــيء ...





التقى بصرها المتعب بــــــــه ... همس بهــــا  ... ( زاملة )   نظرت اليه .... التفت قلبها اليه ....  سقط أسفل جرحها ... لم تشـــــعر به ...... جمعت خطوتين .... والقت بالثالثة في حضنــــــه ... أحتضنته بقوة ...  تسلل كل شيء بداخلها على سطح القلب الكهل .... ..
وهمس لسانها ... لكن الصوت لم يصل ... لم يخرج من بؤرة حزنها ...ضغطت على حنجرتها القديمة .... صرخت به .....  سيكون الفنجان الاخير .....  لن يولدهناك الرابع عشر بعد المائتين ........  ومضت ..




ساعات ثقيلة مضت حتى صنع التقويم فجر يوم اخر...  قفلت فيه زاملة عائدة من متجر المدينة تحمل بين يديها صندوقا ورديا أنيقا ....  دلفت الى حجرته .. أمسكت  بسلة المهملات ... جمعت كل الفناجين المحطمة ... والقت بها .... ووضعت صندوقها الوردي الأنيق ...





وهرولت ......    ساعات الظهيرة ترتجف ... حتى أسقط المساء خيوطه .... وألقى بظلام مشكوك فيه ...  كان ينظر اليها برفق ... يرقب ... ببصر متعب ... يسكب بحزن مقطب .....طريقا لعينيه المتعبتين ... شاهدها وهي تدلف الى الحجرةالمغلقة ..... تابعها وهي تقترب من الصندوق الانيق .....  اسقط عينيه وهي توقع شيئا بداخله ..... همس بها بصوته المتعب ... زاملة .....   ....  نظرت اليه برفق ....    ....
نظــــــــــر  هو الى منضدة الحاسوب الممتدة .....لم تعد هناك فناجين ..... بل صندوق وردي أنيق ... سكب سؤاله في عينيها  ...... ( سأشيد به مسجدا )   أجابت....   سأطلق عليه أسمــــــــه ......   .... ومضت مبتسمة ........

















MARCEL ARSLAN



.....


ليست هناك تعليقات: